سمة العصر الانفتاح على الآخر (1-2)

سمة العصر الانفتاح على الآخر (1-2)

  • سمة العصر الانفتاح على الآخر (1-2)

اخرى قبل 4 سنة

سمة العصر الانفتاح على الآخر (1-2)

د.عبد الرحيم جاموس

الانفتاح المعرفي الفكري بات سمة رئيسية من سمات العصر على المستوى الكوني، والتفاعل الحضاري الذي يشهده العالم اليوم، لم يشهد له مثيلاً من قبل، أملته جملة من التغييرات الكونية الفكرية والمادية، لم يعد من الممكن لمجموعة بشرية أو لدولة ما أن تعيش في معزل عن بقية العالم ودون أن تؤثر أو تتأثر في مختلف التغييرات الحادثة.

فالفكر الإنساني المعاصر لا شك أنه يمثل محصلة التجارب الإنسانية الفردية والجماعية عبر مختلف العصور، وما مرّ به من تطورات قادت إلى الصورة الفكرية والحضارية السائدة في الفكر الإنساني المعاصر.

قد يتفق الباحثون في الفكر الإنساني على تحديد مصادر المعرفة الفكرية الإنسانية السائدة على أربعة مصادر رئيسية تتمثل في:

1-    المصدر الديني وتنسب إليه المعرفة الدينية والمستمدة من الرسالات السماوية وغيرها.

2-    المصدر العلمي وتنسب إلى العلوم على اختلافها، والتي تمثل حصيلة الخلاصات على مستوى نتائج البحوث والتجارب العلمية في مختلف العلوم.

3-    المعرفة الفلسفية والتي تقوم على تصورات ذهنية منطقية تسعى إلى تفسير الواقع، أو تقديم تصور ذهني يسعى العقل لبنائه على أرض الواقع.

4-    المعرفة الابداعية أو الفنية.

إن تفاعل هذه المصادر المعرفية وتكاملها أو تنافرها في بعض الأحيان، وانفتاحها أو انغلاقها عن بعضها البعض قد ترك أثره على مسيرة تشكيل المعرفة الإنسانية على مستوى العالم، وعلى مستوى الجماعات القومية، أو على مستوى الفرد ووعيه بنفسه وبالآخر، في ظل ثورة الاتصالات والمواصلات التي شهدها العالم خلال القرنين الماضيين والتطورات المعاصرة على مستوى تكنولوجيا المعرفة والمعلومات بات ((الانفتاح المعرفي الإنساني سمة العصر)) ((والانغلاق المعرفي بات سمة من سمات الماضي)) المتعارض مع جملة المتغيرات الإقليمية والكونية فكرياً ومادياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ...الخ، من حقول العلاقات الإنسانية الفردية والقومية والدولية، وقد بات يمثل الانفتاح المعرفي المبني على تعدد مصادر المعرفة بأشكالها وأنماطها لدى الفرد والمجتمع أساس البناء الفكري والثقافي للفرد وللمجتمع على السواء، وطبع المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة بسمة التنوع والتعدد الثقافي والفكري والمعرفي.

الانفتاح المعرفي بات يمثل حالة التوازن الفكري لدى الفرد والمجتمع على السواء، كما أسس إلى معرفة أكثر دقة للذات وللآخر، سواء كانت هذه الذات فرداً أو جماعة، وسواء كان هذا الآخر أيضاً فرداً أو جماعة، وأصبحت تمثل هذه الحالة من التوازن الفكري شرطاً أساسياً للتطور والتقدم الفكري والمادي على مستوى الفرد والمجتمع، مما يقود إلى تطور العلاقات الإنسانية والاجتماعية بإتجاه الحد من الصراع الداخلي وتهذيبه بإتجاه إقرار وضع اجتماعي أكثر ميلاً نحو العدالة الاجتماعية والحرية الفكرية على أساس من التنوع والتعدد في إطار الحفاظ على وحدة المجتمع وتفاعله مع المجتمعات الأخرى كوحدة اجتماعية واحدة.

...يتبع

*عضو المجلس الوطني الفلسطيني

التعليقات على خبر: سمة العصر الانفتاح على الآخر (1-2)

حمل التطبيق الأن